مبادرة قبيلة نبيلة تسدد ملايين المخالفات المرورية- قدوة حسنة
المؤلف: عقل العقل11.15.2025

في ظل دولة الأنظمة والقوانين الحديثة، تحتل القبيلة مكانة فريدة كمؤسسة اجتماعية، تحمل في طياتها مزايا وعيوبًا. دولتنا الرشيدة، حفظها الله، تولي اهتمامًا بالغًا بهذه الخصوصيات المتنوعة، وتسعى جاهدة لدمجها في إطار الدولة الحديثة. هذه الدولة تقوم على مبدأ المساواة في المواطنة، وتنبذ أي تفرقة على أساس الهويات الاجتماعية الفرعية، سواء كانت قبلية أو مناطقية. فالولاء والانتماء يجب أن يكون للوطن الأكبر، حيث تتجسد المسؤوليات والواجبات في جميع جوانب الحياة. ومع ذلك، قد تتعرض بعض الممارسات القبلية، في حالات نادرة، للانتقاد والمطالبة بتقنينها، مثل مسألة جمع الديّات في قضايا الدم، والتي قد تصل إلى مبالغ طائلة، مما يضطر البعض للتنازل عن حقوقهم الفردية.
وفي لفتة كريمة تبعث على الأمل، قام أحد وجهاء القبائل النبيلة، في مبادرة إنسانية وأخوية، بالتبرع لتسديد المخالفات المرورية المتراكمة على أبناء قبيلته. وقد بلغت قيمة هذه التبرعات، التي قدمها هو وإخوته، حوالي عشرة ملايين ريال سعودي. هذه المبادرة تأتي في وقت يشهد تخفيضًا بنسبة 50% على تسديد المخالفات المرورية، ونتمنى أن تكون حافزًا وملهمًا لجميع الوجهاء ورجال الأعمال في وطننا الغالي، ليقدموا يد العون للمحتاجين من الأقربين، وأن يبدأوا بتسديد هذه المخالفات المتراكمة، خاصة وأن الكثيرين منهم يعانون ظروفًا مادية صعبة تحول دون قدرتهم على تسديدها. لقد وصل الأمر بالبعض إلى حد إيقاف الخدمات الإلكترونية عنهم، وهي خدمات ضرورية وأساسية في حياة المواطن وعائلته اليومية. فبدون هذه الخدمات، تصبح حياة الفرد معطلة تمامًا.
قد يرى البعض في هذه المبادرات تعزيزًا للانتماء الضيق، ولكن الحقيقة أن فعل الخير، وخاصة في هذا السياق، يمثل نموذجًا يحتذى به، ونتمنى أن ينتشر على نطاق أوسع. وندعو شيوخ ووجهاء الوطن، من مختلف المناطق والمدن والقبائل، إلى تقديم مبادرات إنسانية مماثلة. على سبيل المثال، نأمل أن نرى صناديق استثمارية وتبرعات من رجال الأعمال في مختلف المناطق، تهدف إلى تقديم منح وبرامج دراسية لأبناء تلك المناطق والقبائل، وخاصة المحتاجين منهم. يجب أن تتميز هذه المشاريع بالاستدامة المالية، وأن تتطور لتصبح مؤسسات راسخة في مجال العمل الخيري، وأن تتبنى مشاريع تنموية مبتكرة، مثل إنشاء مراكز صحية وخيرية، بدلًا من الاقتصار على الأعمال الخيرية التقليدية. لقد قام بعض رجال الأعمال المحسنين بإنشاء مصانع في مناطقهم، لتوظيف فئات معينة، مثل النساء، وهذا يتقاطع مع جهود الجهات الرسمية في تحقيق التنمية الشاملة.
إننا نثمن هذه المبادرة الطيبة، ونتمنى أن يتم توسيع نطاقها ليشمل ولو جزءًا يسيرًا من المحتاجين خارج الإطار الاجتماعي المحدد، للتأكيد على شمولية المبادرة وأنها للجميع حسب الاستطاعة.
